ورقة الشبكة السودانية لحقوق الانسان في مؤتمرملتقي ايوا للسلام والديمقراطية

Categories: Uncategorized
Tags: No Tags
Comments: Comments Off
Published on: November 6, 2012

مفاهيم ومستقبل العدالة الإنتقالية في السودان – الآليات والوسائل

تقديم الاستاذ: أيمن تابر أمين مكتب الاعلام و الاتصال

الإخوة والأخوات

حضور المؤتمر الخامس لملتقى ايوا

الساده والسيدات ممثلي الاحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني

الاخوه والاخوات في اللجنة المنظمة للمؤتمر الخامس

الضيوف والحضور الكريم

في البدء التحية والتقدير لانجاز هذا المؤتمر ولسلسلة مؤتمرات ملتقى ايوا السابقة ، والتي تناولت بالبحث والمناقشة موضوعات هامة وحيوية في ما يتعلق بقضية وطننا السودان في محنته الطويلة وشعبنا يعاني ابشع انواع المعاناه تحت نيران الحروب والاستبداد والقهر التي يمارسها نظام الإنقاذ ومؤتمره الوطني ومنذ 23 عاما مضت .

إن هذا المنبر وما يطرحه من قضايا وطنية هي من صميم معاناة شعبنا ،يعكس هذا التضامن الشعبي الواسع الساعي في الداخل والخارج لوضع حد لهذه المعاناة الطويلة واستعادة الحياة الديمقراطية ، وهو تعبير عملي عن انتماء قطاعات واسعة من ابناء وبنات الشعب السوداني ممن قذفت بهم ديكتاتورية الإنقاذ للجوء لكل بلدان العالم بحثاً عن ملاذ آمن لهم ولاسرهم ، هذا بخلاف من طاردتهم الإنقاذ وشردتهم وسجنتهم وعذبتهم لتدفع بهم لحياة المنافي والشتات عنوة واقتدارا.

لقد ظل ملف انتهاكات حقوق الإنسان ومنذ صبيحة 30 يونيو 1989 اول ايام انقلاب الانقاذ بقيادة عمر البشير على الديمقراطية في السودان وحتى تاريخنا ، الملف الاكثر دموية وبشاعة في تاريخ هذه الحقبة من تاريخنا ،فقد حشدت الإنقاذ ومنذ بواكير عهدها كامل عدتها وعتادها لقمع المعارضين والرافضين لحكمها فجهزت بكل ما تملك ولا تملك آلة قمعها وأجهزة أمنها لتمارس أبشع الجرائم والانتهاكات ، فقتلت وشردت وسجنت وعذبت وحرقت وجوعت الالاف من ابناء وبنات شعبنا ومازالت تمارس ابشع الجرائم ضد إنسان وشعب السودان .

ولا نبالغ إن قلنا بان الإنقاذ قد وصمت قد وصمت جبين الإنسانية جمعاء باقبح جريمة ترتكب بحق الإنسان في هذا القرن بما ارتكبته من مجازر ومحارق لشعب دارفور وما ترتب عليه من تشريد لمئات الآلاف من المدنين العزل. ولا تزال تمارس اليوم تلو الآخر درجات مختلفة من الانتهاكات البشعة التي تضيف إلى ملفها الأسود المزيد من الانتهاكات والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.

إن ما يحدث اليوم في جبال النوبة والنيل الأزرق هو التمادي بعينه وعدم الاكتراث لفداحة الجرم في هذا السجل الطويل من الانتهاكات وما يعانيه سكان المنطقتين اليوم من تجويع متعمد وتشريد من مناطقهم الآمنة بعدة اشكال تتفنن الإنقاذ كل يوم في تطويرها من ضرب بالطائرات وحرق للقرى الآمنة وتشريد للمدنيين العزل من قراهم ما هو إلا دليل ساطع على أن حبل الانتهاكات الطويل لن يتوقف ولن يقل طالما ظل هذا النظام يتعمد التعدي الصارخ والانتهاك الممنهج لكرامة وحرية الشعب السوداني وحقوقه ضاربا عرض الحائط بكل المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحمي وتصون كرامة البشر.

إن الإلتزام الكامل وتحمل المسؤلية دون انتقاص تجاه حماية المدنين والمواطنين السودانيين في ما يختص بحقوقهم الكاملة ورعاية ضحايا هذا النظام ورصد الانتهاكات ومعاقبة الجناة ومتابعتهم وإعادة تاهيل الحياة الآمنة وبسط الأمن والأمان في كل اقاليم السودان بضمانات العدالة والتوزيع العادل للثورة والتنمية المتوازنة لاتقل اهمية عن أهمية العمل على اسقاط هذا النظام واستعادة الحياة الديمقراطية ، ومن هذا المنبر نناشد كل القوى الديمقراطية العاملة على اسقاط هذا النظام واستعادة الحريات بوضع قضايا ومستقبل حقوق الإنسان في السودان نصب اعينهم وكجزء اصيل من كل الوثائق والاتفاقيات الموقعه وتطوير الحوار الدائر الآن حول صيغ البديل الديمقراطي لنظام الإنقاذ بتفعيل الحقوق والالتزامات وما يضمن حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان لكل السودانيين دون تمييز وبما يضمن تشريعات وقوانين وطنية مستقاه من المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان .

ونؤكد أيضا ان مزيداً من الحوار حول آليات وضمانات العدالة الإنتقالية بما يؤسس لمنهجها وضروتها ما هو إلا السبيل الوحيد للحفاظ على الديمقراطية والسلام في سودان ما بعد الإنقاذ وبما يضمن تاهيل الضحايا وإعادة الإعمار ووقف الحرب ومحاسبة الجناة واستعادة المال العام المنهوب وتوفير مقومات الحياة الكريمة لشعبنا من ماكل ومشرب ومسكن وصحة وتعليم للجميع لافرق بين شمال او جنوب او شرق او غرب او وسط دون اي تمييز على أساس عرق او دين او انتماء .

ما هي العدالة الإنتقالية وما اهميتها ؟

العدالة الانتقالية، بشكل عام، تدل على مختلف السياسات والاستراتيجيات التي تطبقها المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية والتي تهدف إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتُكبت في سياق محدد وفي وقت محدد .

وفي حالة السودان فإن تراكم المظالم والانتهاكات التي ارتكبتها الإنقاذ ومنذ فجر الثلاثين من يونيو 89 هي تركة ثقيلة وتراكم ضخم لمظالم تنتظر العدالة والتحقيق والمحاسبة وتعويض الضحايا واستعادة الثقة في النظام القضائي واجهزة الدولة المختلفة والتاسيس لدولة المواطنةو القانون بما يرضي جميع المواطنين ويسمو لطموحاتهم المشروعة في الحياة الامنة والعيش الكريم .

وعموما فان اتخاذ المعايير والخطوات الصحيحة وفق هذه الآليات الخاصة بالعدالة الإنتقالية يساعد بشكل كبير في معالجة الأخطاء التي ارتكبت من قبل وبخاصة في عملية التغيير لنظام ديكتاتوري متسلط بنظام ديمقراطي .

إن آليات العدالة الانتقالية متعددة وإلى حد كبير تعتمد على طبيعة المرحلة الانتقالية ذاتها والبلد وواقعه السياسي والاطراف المشاركة في عملية التغيير ومواقفها من قضايا شعوبها. إلا ان اهم جوانب العدالة الانتقالية هو المساءلة accountability وتحديداً ضمان محاسبة المسؤولين عن أخطاء وأضرار الماضي وفقا لسيادة القانون. ولا بد من تقديم الصورة الحقيقية للوضع العام بما يتيح عمق الفهم وتوخي الدقة في اتخاذ المواقف الجماعية والفردية تحت مظلة القانون، بدلا من الأعمال الفردية للانتقام.

الوظيفة الأخرى للعدالة الانتقالية هي تقصي الحقائق بغرض إنشاء سجل تاريخي مثبت حول ما جرى خلال الفترة السابقة،و الأضرار التي لحقت بالآخرين والتي ارتكبها أفراد أو مجموعات، والاعتراف بتلك المظالم. وهو الخطوة الهامة في إحداث المصالحة الوطنية التي ستضمن بدورها صحة ما سيتم تاسيسه على اسس صحيحة على انقاض النظام المخلوع.

إن واحدة من اهم أهداف العدالة الإنتقالية وهي من اهم الخطوات الواجب اتخاذها في حالتنا بعد الانقاذ يتمثل في استعادة ثقة الجماهير في مؤسسات الدولة، من خلال الإصلاح المؤسسي وإقامة سيادة القانون. في هذا الصدد يتم التركيز على محورين مهمين يمثلان مصدران مستمران للقلق في حالات التغيير:

1- الأجهزة الأمنية وقوميتها واضطلاعها بتنفيذ مهامها وما يتوافق والقوانين وبحكم الدستور ويشمل ذلك إعادة ترتيب اوضاع القوات المسلحة والقوات النظامية وجهاز الأمن.

2- النظام القضائي بما في ذلك التشريع .

من المهم جدا هنا التاكيد على أن مفهوم العدالة الانتقالية مثله مثل حركة الحريات والحقوق في العالم لم يمر بطريق ممهدة وما زال الحقوقيون والباحثون الاجتماعيون والسياسيون يعكفون على دراسة وتحليل الآليات المساعدة لضمان العدالة الإنتقالية حسب معطيات كل بلد كما يحدث الآن في بلدان الربيع العربي ، وقد مر مفهوم العدالة الإنتقالية بمراحل تطور تاريخية ضمن النموذج الدولي لحقوق الإنسان ومن خلال السعي المستمر والدؤوب لتحقيق العدالة الاجتماعية وبخاصة لضحايا الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، التي في كثير من الأحيان ذات طابع منهجي ومؤسسي كحال الإنقاذ.

على الرغم من أن السعي لتحقيق هذه الأهداف من خلال آليات العدالة الانتقالية يمكن أن يشكل طبيعة واتجاه التحول في حد ذاته، فإنه من المهم أن لا يتم تبني إجراءات measures العدالة الانتقالية قبل ظهور توافق في الآراء حول شكل التسوية السياسية التي ستعتمدمن قبل الأطراف التي تنجز التغيير والاطراف ذات التاثير المستقبلي في عملية الاستقرار.

وللاهمية سنتناول الآتي بالتفصيل :

اولاً: الأجهزة الأمنية

فيما يختص بالأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والقوات النظامية فاننا نؤكد على ما جاء في وثيقة البديل الديمقراطي كمنهج وضمان لاعادة بناء هذه الاجهزة بحيادية تضمن الصالح العام للدولة وللماطن دون تحيز او سوء استخدام للصلاحيات المخولة لها حسب نصوص القانون وما ورد في الدستور في ما يتعلق بدورها الطبيعي والوطني ونعيد التاكيد تحديداً على كل ما ورد في نص المادة الخامسة والتي تقول :

خامساً: القوات المسلحة السودانية:

1) قوات نظامية قومية مهمتها الاساسية حماية إستقلال البلاد وسيادته ونظامه الدستوري

2) يتخذ مجلس الوزراء ما يراه من إجراءات لازمة لإستعادة قومية القوات المسلحة وتصفية كل مظاهر التبعية الحزبية العقائدية وإعادة صياغة عقيدتها العسكرية بما يعيدها مؤسسة وطنية حامية للوطن وسيادته ويباعد بينها وبين صراع السلطة.

3) يراعى عند إعادة تشكيل القوات المسلحة التوازن الثقافي والجهوى على كل المستويات.

القوات النظامية الأخرى:

يتخذ مجلس الوزراء ما يراه مناسباً ولازماً لإستعاده قومية قوات الشرطة وإستقلالية القوات النظامية الأخرى وتصفيه كل مظاهر الحزبية والعقائيدية فيها.

جهاز الأمن والمخابرات العام:

1) إلغاء قانون الأمن الوطني لعام 2009 وتصفية جهاز الأمن الوطنى والمخابرات العامة المؤسس بموجبه.

2) يتخذ مجلس الوزراء كل الإجراءات السريعة واللازمة لبناء جهاز أمن بديل يقوم على عقيدة حماية أمن الوطن والمواطن عبرجمع المعلومات وتصنيفها ووضعهاأمام الجهات المختصة ويختص بالأمن الخارجى على ان تكون مهمة الأمن الداخلي من إختصاص النيابة العامة وقوات الشرطة.

وفي هذا الجانب نلفت الانتباه للنقاط التالية :

1- فيما يتعلق باعادة تشكيل القوات المسلحة السودانية يحتاج النص إلى إعادة تقييم او في ما يختص بحسابات التوازن الثقافي والجهوي وسيكون من الأفضل والانسب لواقع القوات المسلحة السودانية الاستفادة من العناصر الوطنية داخل وخارج الخدمة والمعاشيين في إعادة صياغة المؤسسة العسكرية وفق معايير الكفاءة والخبره وما يتناسب مع النظم العسكرية الحديثة وينطبق ذلك بدوره على القوات النظامية الاخرى وجهاز الامن.

2- حل المليشيات المسلحة وتسريح عناصرها وحصر السلاح في يد القوات المسلحة والشرطة يجب ان يضمن في هذه الوثائق ويتم التفاهم حول الآليات المساعدة لانجاز هذه المهمة في إطار الحوار السياسي الساعي للتغيير وبمبادر هذه القوى من واقع دورها الوطني في تثبيت الامن والسلام وبذلك تمنح القوات النظامية الفرصة للقيام بواجبها في الحفاظ على الأمن والسلم بما لا يتعارض ومهامها القانونية والدستورية .

3- ترك الامر برمته لمجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسب لا يمنح السلطة التشريعية المنتخبة الفرصة في توصيف مهام واعادة بناء القوانين والتشريعات المنظمة لعمل القوات النظامية .

ثانياً : النظام القضائي والتشريعات

فيما يتعلق بالمؤسسات القضائيةفي فترات العدالة الانتقالية فالآلية الأولى هي نظام المحاكم الوطنية، سواء المدنية أو الجنائية، التي يمكن من خلالها تحديد المساءلة عن انتهاكات القانون الوطني ومحاكمة مرتكبيها، والتعويض المطلوب. ومع ذلك، العديد من المجتمعات الخارجة من عقود الحكم الاستبدادي يحتمل أن لا تملك القدرة على ضمان أن تكون العملية القضائية وإقامة العدالة عادلة ونزيهة. ” النظام القديم” ربما يتسلل إلى جميع الأجهزة الحكومية، بما في ذلك السلطة القضائية وأجهزة إنفاذ القانون. وبالمثل، فإن الثقافة القانونية أو ثقافة المساءلة ربما تكون غير موجودة، مثل هذه الظروف ليست مواتية لإجراء المحاكمات وفقا للمعايير المعترف بها دوليا. وبالمثل، قد يكون ليس من الممكن ضمن النظام القضائي الوطني ضمان حماية حقوق المتهمين، وأن أي محاكمات يمكن أن تشكل عدالة المنتصر victor’s justice. وأخيرا، المجتمعات الانتقالية ببساطة ليست لديها الموارد والبنية التحتية والقدرة على الاستجابة لحالات الاجرام الجماعية المرتكبة ، وهنا تبرز اسبقية القوانين واعادة تاهيل النظام القضائي بما يضمن عدم حدوث مثل هذه الاخطاء.

ففي السودان وبقراءة لحجم الخراب الذي لحق بالدولة السودانية ،لابد من وجود ضمانات اكبر للانتقال السلمي من الشمولية ودولة الحزب الواحد إلى دولة المواطنة والحريات العامة عبر سلسلة من التغييرات تشمل القوانين وأجهزة الامن والدستور وضرورة الفصل بين السلطات الثلاث والالتزام بالخطوات التالية في إعادة الحياة الديمقراطية واحترام القانون وذلك باتباع الآتي:

1) اولا لابد من التزام الدولة السودانية بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وضمنها التي تحرم التعذيب وتحظر الاعتقال الإداري والتمييز ضد الأقليات

2) تضمين هذه المواثيق في القوانين الوطنية والدستور الدائم للبلاد

3) إجراء إصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي.

4) إصدار قانون ديمقراطي للهيئة القضائية يستند إلى قواعد العدالة ويضمن استقلال القضاء مهنياً وإدارياً ومالياً، ويضمن استقلال القضاة في أداء مهامهم ويوفر لهم التدريب المتواصل على القانون الدولي لحقوق الإنسان .

5) إصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره، يردع المفسدين ويضمن استرداد المال العام.

6) إصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني يضمن استقلاليتها في مواردها وبرامج عملها

7) إصدار قانون للصحافة يرفع عنها قيود الإصدار والشروط المجحفة فيما يتصل بالملكية والتمويل والرقابة الحكومية وسيف الإجراءات الجنائية التعسفية.

وفي هذا السياق إضافة لهذه النقاط وجب التاكيد على ما ورد في وثيقة البديل الديمقراطي من نقاط في هذا الشان بنص ما ورد في :

البند الرابع منها : السلطة القضائية والأجهزة العدلية ومؤسسات تنفيذ القانون:

والتي نصت على :

1- تشكل على أنقاض السلطة القضائية الحالية سلطة قضائية مستقلة والقاضي فيها مستقل تماما لا يخضع لأى مؤثرات أوضغوط وإحكام المحاكم النهائيه لا تقبل سوى الإلتزام بها وتنفيذها وفق ما ينظمه قانون يصدر لتنظيم كامل أعمال السلطة القضائية على أن يراعى فيه الإلتزام بالمبادىء والأحكام والأعراف الدولية المرعية بشأن إستقلال القضاء.

2- يضطلع مجلس الوزراء عبر ما يراه من خطوات بإعاده بناء الأجهزة والمؤسسات العدلية في البلاد ويبدأ ذلك بالفصل بين منصب وزير العدل بإعتباره جزءأًمن السلطة التنفيذية ومنصب النائب العام مع وإستبعاد المستشاريين القانونيين التابعيين للنظام الحاكم وأجهزة أمنه وإستبدالهم بعناصر وطنية مؤهلة مهنياً ومستقلة وذات كفاءة عالية. وذلك وفق خطة متكاملة تصل بالوطن مع القضاء المستقل لتأسيس مؤسسة عدالة حره ومحايدة ونزيهة.

3- مراجعة أوضاع مؤسسات تنفيذ القانون لتعود أجهزة قومية مستقلة وفاعلة في خدمة الشعب.

4- تكتمل المؤسسة العدلية الناجزة بإعادة تنظيم مهنة المحاماة عبرقانون جديد يشارك المحامون أنفسهم في وضعه بما يعيد لنقابة المحاميين دورها التاريخي في الدفاع عن الديمقراطية وسيادة حكم القانون وإحترام حقوق الأنسان في اليلاد.

إلا اننا وبرغم هذا التسلسل الطبيعي والمنطقي لاستعادة نزاهة الاجهزة القضائية والعدلية إلا اننا وفي ما يختص من خطوات العدالة الانتقالية في المحاسبة والتحقيق في الجرائم والانتهاكات نؤكد على ضرورة إفراد هيئة قضائية متخصصة في تلقي الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان خلال عهد الإنقاذ والتحقيق فيها بشكل منفصل والبت فيها بشكل سريع يضمن لكل الضحايا القصاص القانوني العادل -إن إختاروا المقاضاه في حقوقهم – والتعويض المناسب لكل من مورس بحقه انتهاك لحقوقه او لقائمة جرائم الإبادة وجرائم الحرب التي نفذتها حكومة الإنقاذ وأجهزة امنها كما هو الحال في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق.

برغم التاكيد والتشديد على كل ما سبق ذكره من تحوطات وضمانات وخطوات قانونية لتثبيت العدالة الإنتقالية، إلا أن التجارب السابقة تؤكد أن ضعف إمكانيات وعجز محتمل من المؤسسات الوطنيةصانعة التغيير والذي هو بالتاكيد لا يعني قصورا أو عجزاً في اغلب الاحوال في إمكانياتها لإحداث التوازن والثقة في مؤسسات الدولة بمستوى وحجم التطلعات المصاحبة للتغيير إلا أنه وفي بعض الظروف نسبة للتهالك والدمار الذي لحق بمؤسسات الدولة كنتيجة لسياسات وممارسات النظام السابق وهو ما يحتاج لوقت طويل في إنجاز عملية إعادة التاهيل ،في هذه الحالة يمكن أن يتولى “المجتمع الدولي” في أشكاله المتعددة تقديم المساعدة القضائية مثال تحويل القضايا الإنسانية الطارئة للآلية القضائية الثانية وهي المحكمة الجنائية الدولية International Criminal Court (ICC)، والتي لها اختصاص النظر في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وهي آلية مناسبة للمتابعة.في مثل هذه الظروف. إلا انه ومع ذلك، فاختصاص المحكمة مقيد. إنها قادرة فقط على ممارسة الأحكام القضائية على الأفعال التي ترتكب على أراضي دولة تكون قد صدّقت على نظام روما الأساسي Rome Statute of the ICC للمحكمة الجنائية الدولية أو قبلت بطريقة أخرى سلطتها القضائية. فمثلا غالبية دول الشرق الأوسط لم تنضم إلى اتفاقية روما. الطريقة الوحيدة الأخرى التي يمكن أن تناط بها محكمة ذات اختصاص هي إذا كان مجلس الأمن الدولي UN Security Council قد قدم الاحالة الى المحكمة بموجب صلاحيات الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وفقا للمادة13(b) من نظام روما الأساسي. وحتى الآن، قدم مجلس الأمن اثنين من هذه الإحالات، أولها عام 2005 إحالة الوضع في دارفور، والثانية في العام2011 إحالة الوضع في ليبيا. وقد انتقدت سياسة الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بواسطة مجلس الأمن في بعض الأحيان.

وكحل آخر مقترح لهذه المشكلة فمن الممكن اللجوء في مثل هذه الأحوال إلى آلية قضائية أخرى متاحة في سياق العدالة الانتقالية وهي تشكيل المحاكم ذات الطابع الدولي كمثال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان the Special Tribunal for Lebanon (STL). ويتم تأسيس هذه المحاكم بموجب اتفاق بين الأمين العام للامم المتحدة والبلد المعني، وهناك المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia (ICTY) والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا the International Criminal Tribunal for Rwanda (ICTR)، ولم يتم إنشاء هذه المحاكم ذات الطابع الدولي من قبل مجلس الأمن. يتم تعيين هذه المحاكم كجزء من النظام القضائي الوطني، أو حتى بشكل مستقل عن كل النظم القضائية الدولية والوطنية وفي هذا السياق نقترح هذا النموذج لتبني القضايا المتعلقة بجرائم الإبادة وجرائم الحرب وبخاصة في منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق وشرق وشمال السودان.

خلاصه:

من خلال المفاهيم والآليات الخاصة بالعدالة الإنتقالية سيتم تمهيد الطريق للتاسيس لدولة تحترم القانون وحقوق الإنسان دولة المواطنة والقانون التي هي حق وليس هبة لجميع السودانيين في دولتهم ، ومن كل ما ذكر تتضح اهمية البناء القانوني للدولة كخط فاصل وواضح لجميع الاطراف يضمن العدالة وسيادة القانون بين الجميع ومن هنا تاتي اهمية انجاز مشروعات قوانين بديلة تحل محل القوانين التي مصيرها الألغاء من ارث نظام الإنقاذ وهي المهمة الوطنية التي يجب ان تاخذ الوقت الاكبر من كل القوى العاكفة على انجاز بديل ديمقراطي يحل محل دولة الحزب الواحد وشمولية الانقاذ .

لا يفوتنا هنا ايضا ان نؤكد على اهمية إنجاز مصالحة وطنية تضمن اتفاق كل الأطراف الساعية للتغيير بمختلف اتجاهاتها ومواقفها السياسية والفكرية على اهمية وفاعلية هذه المحاور الآليات المتعلقة بالعدالة الانتقالية والتاسيس لها من خلال برامج عملها وانشطتها بل والالتزام بها في كافة اتفاقاتها الجماعية والفردية كمنهج انتقالي مؤسس يضمن بناء دولة القانون والمؤسسات.

ولا يسعنا في الختام إلا المشاركة بتوصيات نتمنى أن تجد المزيد من الحوار المنهجي والموضوعي لها كجزء مكمل لمجهودات الجميع في الاستفادة من تجارب الماضي ومحاولة تلافي إعادة نف الاخطاء من جديد وهي على النحو التالي :

توصيات عامة

 ضمان سيادة حكم القانون وقيام دولة المؤسسات القانونية هو الضمان الوحيد للمحافظة على الحياة الديمقراطية.

 ضمان حرية الفكر والتعبير والرأي والمعتقد .

 ضمان المشاركة السياسية الواسعة لكل افراد المجتمع السوداني بكل مكوناته .

 ضمان التطبيق الفعلي لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء.

 توفير الرقابة (السياسية والقضائية والادارية ) على عمل سلطات الدولة لضمان التزامها بالقواعد الدستورية والقانونية وتاكيد حياديتها.

 التوزيع العادل للثروات والتي تكون ملكا عاما للشعب السوداني مع التمييز الايجابي للمناطق الأكثر تخلفاً في البناء والتنمية.

 ضمانات التعددية السياسية السليمة بتشريع قانون ديمقراطي للاحزاب ومنظمات المجتمع المدني لضمان عملية سياسية ديمقراطية سليمة قائمة على الحوار وحرية الرأي واحترام الرأي الاخر .

 اصلاح نظم التربية والتعليم ومناهجها واساليبها تربي الاجيال على روح التسامح والحوار والتعايش السلمي ونبذ العنف والتطرف والارهاب والتعصب الطائفي والعرقي والتمييز.

 نشر روح التسامح والحوار والتعايش السلمي بين التكوينات الاجتماعية للمجتمع السوداني بكافة اعراقه وتقسيماته القبلية ونبذ التمييز بينها ومنحها ادوراها الكاملة في المشاركة السياسية على اسس دستورية وقانونية محددة .

 التأكيد على ان الدين هو علاقة او رابطة روحية بين الانسان والإله مستندة على مبادئ اخلاقية ودينية سامية ترفض التمييز والغلو والاستعلاء والتطرف والعنف يجب احترامها من قبل الاخرين لضمان تفاعل حقيقي بين الاديان ومعتنقيها ضمن الوطن الواحد والمجتمع الواحد .

 ضمان مستويات مقبولة للرفاهيةالاقتصادية لافراد المجتمع دون تمييز بما يضمن بناء الانسان لنفسه ومجتمعه وتحقيق الرقي الحضاري والثقافي والاجتماعي للمجتمع والدولة.

 مراعاة عامل الوقت في ما يخص مهام العدالة الإنتقالية إضافة إلى المصداقية في التعامل مع ضحايا الانتهاكات والحروب والمنازعات بما يضمن سرعة تاهيلهم ودمجهم في عملية البناء الإقتصادي للدولة واهمية ذلك ترتبط أيضا ولا تنفصل بسرعة البت في القضايا الاقتصادية المتعلقة بالفساد ونهب المال العام واستعادته مع ضرورة استخدام كل الآليات الوطنية والإقليمية والدولية التي تضمن إنجاز هذه المهمات .

 تبني الحكومة الانتقالية لحملة شاملة للمصالحة الوطنية وانتهاج الشفافية وابتداع آليات للمكاشفة والحوار المستمر سيساعد في تضميد جراحات المناطق المتاثره بالانتهاكات المتعلقة بالتمييز على اساس عرقي او قبلي او ديني ورد الاعتبار للمناطق التي طالها التهميش وخراب الحرب بتثبيت حقها في التنمية المتوازنة ونصيبها من الثروة مع اعتراف رسمي من الدولة يسجل تاريخيا لصالح هذه القوى ويساعد في التئام جروح الماضي.

 نشر وقائع المحاكمات العسكرية والكشف عن مدافن من تم إعدامهم وتسليم وصاياهم ومتعلقاتهم لذويهم

 تسوية أوضاع المفصولين سياسياً بدعاوي الصالح العام، مدنيين وعسكريين بإرجاعهم بقرار سياسي وتسوية أوضاع من تخطوا سن المعاش وكذلك تعويض من فأتتهم فرص تعليم او إسكان او غيرها من الخدمات.

 تضمين الـدستور وثيقة لحقوق الانسان تتأسس علي المبادىْ والقيم الواردة في المواثيق والاتفاقيات والعهود الاقليمية والدولية التي صادق وسيصادق عليها السوداناساسها مباديء الغعلان العالمي لحقوق الإنسان .

في الختام عميق الشكر والتقدير لاتاحة هذه الفرصة عبر منبر ملتقى أيوا الخامس ،وباسم الشبكة السودانية لحقوق الإنسان لكم التقدير على هذا الجهد الإيجابي باتجاه الحوار والبحث عن حلول لهذا الخراب الشامل الذي عم بلادنا ،مع عميق الأمنيات في ان يتوصل مؤتمركم هذا لنقاط تعجل بإزالة الضيق والمعاناة عن كاهل شعبنا وتستعيد الحياة الديمقراطية والتعددية من جديد ، وان يرى السودان قريباً تنمية وعدالة وامن واستقرار لكافة مواطنينا وسلم يعيد بناء دولة المواطنة والحقوق بما يتماشى وتطلعات شعبنا للحرية والعيش الكريم.

التحية عبركم وباسمنا جميعا لابطالنا المعتقلين في سجون الإنقاذ وعلى راسهم الناشطة الاستاذه جليله خميس كوكو والناشط أمية عبد اللطيف حسن امية وقائمة معتقلي الحركة الشعبية بسجون ومعتقلات النظام، ولاسر وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في السودان عبر تاريخ الإنقاذ الطويل

وشكراً

المصادر والمراجع :

• التاريخ الفكري والسياسي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان – ألبير باييه ، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان .

• Hemi Mistry-2012 Transitional Justice and the Arab Spring-Meeting Summary: International Law and Middle East Program, 1 February 2012

• وثيقة البديل الديمقراطي الموقعة من قبل أحزاب قوى الإجماع الوطني

• وثائق التجمع الوطني الديمقراطي

• بعض المقالات المتعلقة بالموضوع والمنشورة ببعض المواقع الاسفيرية.

• الدليل العربي لحقوق الإنسان والتنمية (القانون الدولي لحقوق الإنسان والحقوق المترابطة) د. محمد نور فرحات -أستاذ فلسفة القانون ، بكلية الحقوق ، جامعة الزقازيق –مصر

Comments are closed.

Welcome , today is Thursday, March 28, 2024